والوطن .. أنا

حين يقترب عدو ما من تراب الوطن، تقترب إلى جسدي الثعابين، تتحرك بين يدي العقارب، ، تطلق أعصابي خراطيم النار، تغضب الحياة كلها من حولي، يتأجج جلدي.. يتوهج نظري.. يشتعل القلب حبا..

يمتزج ترابي الآدمي بتراب حبيبي.. لم يعد هناك سوى شخص واحد فقط، هو/أنا، عالم من السمو والأنفة والتضحية يعيشه ابن هذه البلاد، لم يعرفه الحوثي الأخرق، لأنه خان بلاده قبل أن يخون جاره!!

همهمات الحجارة على صعدة لو ترجمتها الرياح؛ لنقلت إلينا تهدجات الأصوات المخنوقة بالبارود، وأنين الصبر المتخثر في قاع الجهل المعتق، وارتجاجات الحجارة الموبوءة بالجوع للأمن والأمان .. من زمان …

لم تكن تعلم حفنة الحوثيين أنها تحرك لبدة الأسد حين تجرأت على صخرة من صخورنا، وأنها أشرعت الخناجر في خواصرها من كل جانب.. وكأنها ملَّت من الحروب، وأرادت أن تحسم هذا الجحيم، فعلقت المشنقة لنفسها لتضع حدا لهذه العذابات المتوالية التي أغرقت فيها أنوفها!!

أحبك يا وطني حنونا على أبنائك.. وفيا لأصدقائك.. حازما في قراراتك، قويا على أعدائك..

إن المعاني التي يجب أن تزهو وتطوف على قلوبنا، أننا نحب السلام، ونعيش به، ولا نعتدي على أحد، ولكننا لا نرتضي أبدا أن نذل ونخنع لأحد غير من خلقنا.

إن الحس ، هو الذي يخوض معاركنا مع أعدائنا، وليس شيئا آخر، فأبطالنا الذين تربوا على موائد القرآن الكريم، ونهلوا من صلاة الليل، وتغذوا من أكف رمضان، هم الذين يندفعون بكل بسالة ليلقنوا العدو المعتدي دروس المستقبل.. ألا يضع في أجندته أن يقترب مجرد الاقتراب من الحمى.. مخافة أن يقع فيه.

كل أرقام المعادلة تندفع إلى النصر بإذن الله تعالى، فالغاية رضا الله تعالى، والهدف تطهير الوطن من رجس البغاة، والوطن هو أجل وطن وأعظمه على الله تعالى، ومن ترك النار في فناء الدار أتت عليه كله.

والجنة لا تشترى إلا بالغالي النفيس، والله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سورة التوبة 9/111].

والقوة إنما تدخر لمثل هذا اليوم، الذي يباهي فيه الوطن بشبابه الناهض، الذي يستحضر وهو في دبابته، وفي جوف طائرته قول الله تعالى: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة الأنفال 8/17].

ومن اطلع على تربية العسكريين في بلادنا رفع رأسه عاليا، وعرف سر الشجاعة، فالدعم المهني والفني، يصاحبه ـ باستمرار ـ دعم معنوي مكثف، يعبق من تدبر القرآن العظيم، وتأمل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، يلمس النفس، ويتوغل فيها، يهزها، يمتلكها، فإذا بها لا تعرف غير الإقدام، بينما تشيع ظاهرة الانتحار بين الجنود في الأمم الأخرى لاسيما في حالة الحرب؛ لأنهم يفقدون معنى الموت في سبيل المبدأ فضلا عن أن يكون ـ كما عند المؤمنين ـ في سبيل الله تعالى. 

إن الوطن الذي يظل يعطينا في حال السلم حتى نرضى، ينبغي أن نعطيه في حال الحرب حتى يرضى.

والجيل الذي نربيه على الولاء لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ينبغي أن نربيه ـ كذلك ـ على السمع والطاعة لولاة الأمور في المنشط والمكره، وعلى حب الوطن والدفاع عنه في اللحظة التي تستنهضنا فيه نداءات المليك والوطن، ديانة وحبا.

ولن يصنع الأمن في الوطن إلا أهله، ولن يتحقق الرفاه إلا في وطن محفوف بالقوة، التي لا تعتدي.. ولكن تدافع، وتدفع، وتزمجر كل آونة وأخرى، وتنقض في اللحظة المناسبة، لتذكر العدو بأنها على استعداد كاف لحماية نفسها بإذن الله تعالى وعونه.



اترك تعليقاً